قراءة: أشباه قلوب

أشباه قلوب

يتراجع دور الوطن في الخارج، عندما يتراجع دور المواطن في الداخل، فالمال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة.

جلال عامر…..

ذات خميس كانت نسرين تتحدث إلى سعد وهي في مقبرة الهلالية ، حيث قبر والدها، وقبر أخيها الوحيد الذي قضى في تفجير بسوق قامشلو .

فجأة قطع سعد الاتصال معها بعد أن قال لها: معي مكالمة من صديقي.

لكنه لم يعاود الاتصال بها ، حتى إنه لم يكن يرد على مكالماتها ، مضى أكثر من أسبوع ونسرين تكابد وتضرب أخماس بأسداس .

الى أن وصلتها رسالة منه على الواتس آب ” يبدو ما لنا نصيب نكون لبعض” امسحي رقمي من عندك!

زلت قدم نسرين إلى جحيم الحيرة التي بدأت نهش قلبها ، الانتحار أصبح خيارا مطروحا لديها ، فقلبها جف وتجمد، أصبحت تشعر بإرهاصات الموت، اختلجت آلاف المشاعر في داخلها كوخزات لا تترك لها فرصة للراحة، فتاة شعرت بدبيب خطوات الحب في خلايا جسدها، ولكن سعد دهس تلك الخلايا قبل أن تتبرعم فيها بذور العشق.

حتى أخت سعد لم تعد ترد على رسائلها .

كانت مجبرة أن تذهب إلى عملها كممرضة، فهي تعيل أمها وجدتها .

أصبحت تفكر في قتل كل الذكور وامتلأ قلبها كراهية لا حدود لها.

نسرين التي تحملت الكثير، لكنها لم تحمل أثقل من وجع انقطاع سعد عنها دون ذكر الأسباب، لقد حطمها تماما.

استوطن السواد روحها وصبغ كل عالمها.

عندما فقدت نصفها أرادت أن يكملها أحدهم، فإذا به يمزقها.

وأصبحت طاعنة في الهم تقتات على الذكريات ، كم كان سعد ملهوفا للتقرب منها.

كالغريق الذي يتمسك بقشة ، أعلن فرحته الغامرة عندما قبلت صداقته على الفيس بوك ، قال لها :كل بنات برلين لم تحركن فيّ هذه المشاعر .

نسرين التي أنهت الاعدادية فقط ، لكنها تنشط مدنيا ولها معجبون على الشاشة الزرقاء تمتاز بجمالها الروحي والجسدي حضورها مميز وقد تجاوزت العقدين بعام واحد.

حبيبها الإعلامي الذي ترعرعت معه منذ الصغر ،اختفى حين كان يؤدي عمله منذ أربع سنوات ،اختفاؤه ترك ندبة في روحها عانت الكثير حتى اقتربت من الشفاء بسبب تواصلها مع سعد الذي منحها الكثير من الطمأنينة.

بعد حوالي السنة كانا في حالة حب وتواصل وطال التعارف عائلتيهما.

حيث تمت خطوبتها بحفلة رسمية ، وبدأت بتحضير أوراقها للحاق به ، فقد اعتبرته عقارا لتطبيب روحها المجروحة ،وهدية السماء لشفائها.

نفذ منها الصبر وفي لحظة غضب قررت أن تداهم بيت والد سعد الفخم ،ومعها كل هداياهم وهي في حالة هستيرية تصرخ فقط أريد أن أعرف السبب ، لماذا ؟

وبعد أخذ ورد والجلبة واللغط ، مدت أخته يدها إلى الهاتف وأظهرت صورة على الشاشة مما جعل نسرين تعصر رأسها بين كفيها وتحدق بالصورة وهي تذوب في طوفان الذهول ،ماتت للحظات ثم استعادت وعيها.

فقط تمنيت أن أجد قلبا لا يتركني !

لماذا صادفت أشباه القلوب ؟

من السبب ،أهو أنت؟ يا من كسرتنا ونحن أبناؤك !

لماذا يا وطني اخفضت سقفك حتى لم يعد بإمكاننا أن نرفع رؤوسنا ؟!

لماذا يا أم ؟ لماذا ساهمتِ في قتلي، ما هذا الذل! أهذه أنت فعلا ؟! على ظهرك كيس من الخيش وأنتِ تنبشين في الحاوية .

محتويات
يتراجع دور الوطن في الخارج، عندما يتراجع دور المواطن في الداخل، فالمال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة.جلال عامر…..ذات خميس كانت نسرين تتحدث إلى سعد وهي في مقبرة الهلالية ، حيث قبر والدها، وقبر أخيها الوحيد الذي قضى في تفجير بسوق قامشلو .فجأة قطع سعد الاتصال معها بعد أن قال لها: معي مكالمة من صديقي.لكنه لم يعاود الاتصال بها ، حتى إنه لم يكن يرد على مكالماتها ، مضى أكثر من أسبوع ونسرين تكابد وتضرب أخماس بأسداس .الى أن وصلتها رسالة منه على الواتس آب ” يبدو ما لنا نصيب نكون لبعض” امسحي رقمي من عندك!زلت قدم نسرين إلى جحيم الحيرة التي بدأت نهش قلبها ، الانتحار أصبح خيارا مطروحا لديها ، فقلبها جف وتجمد، أصبحت تشعر بإرهاصات الموت، اختلجت آلاف المشاعر في داخلها كوخزات لا تترك لها فرصة للراحة، فتاة شعرت بدبيب خطوات الحب في خلايا جسدها، ولكن سعد دهس تلك الخلايا قبل أن تتبرعم فيها بذور العشق.حتى أخت سعد لم تعد ترد على رسائلها .كانت مجبرة أن تذهب إلى عملها كممرضة، فهي تعيل أمها وجدتها .أصبحت تفكر في قتل كل الذكور وامتلأ قلبها كراهية لا حدود لها.نسرين التي تحملت الكثير، لكنها لم تحمل أثقل من وجع انقطاع سعد عنها دون ذكر الأسباب، لقد حطمها تماما.استوطن السواد روحها وصبغ كل عالمها.عندما فقدت نصفها أرادت أن يكملها أحدهم، فإذا به يمزقها.وأصبحت طاعنة في الهم تقتات على الذكريات ، كم كان سعد ملهوفا للتقرب منها.كالغريق الذي يتمسك بقشة ، أعلن فرحته الغامرة عندما قبلت صداقته على الفيس بوك ، قال لها :كل بنات برلين لم تحركن فيّ هذه المشاعر .نسرين التي أنهت الاعدادية فقط ، لكنها تنشط مدنيا ولها معجبون على الشاشة الزرقاء تمتاز بجمالها الروحي والجسدي حضورها مميز وقد تجاوزت العقدين بعام واحد.حبيبها الإعلامي الذي ترعرعت معه منذ الصغر ،اختفى حين كان يؤدي عمله منذ أربع سنوات ،اختفاؤه ترك ندبة في روحها عانت الكثير حتى اقتربت من الشفاء بسبب تواصلها مع سعد الذي منحها الكثير من الطمأنينة.بعد حوالي السنة كانا في حالة حب وتواصل وطال التعارف عائلتيهما.حيث تمت خطوبتها بحفلة رسمية ، وبدأت بتحضير أوراقها للحاق به ، فقد اعتبرته عقارا لتطبيب روحها المجروحة ،وهدية السماء لشفائها.نفذ منها الصبر وفي لحظة غضب قررت أن تداهم بيت والد سعد الفخم ،ومعها كل هداياهم وهي في حالة هستيرية تصرخ فقط أريد أن أعرف السبب ، لماذا ؟وبعد أخذ ورد والجلبة واللغط ، مدت أخته يدها إلى الهاتف وأظهرت صورة على الشاشة مما جعل نسرين تعصر رأسها بين كفيها وتحدق بالصورة وهي تذوب في طوفان الذهول ،ماتت للحظات ثم استعادت وعيها.فقط تمنيت أن أجد قلبا لا يتركني !لماذا صادفت أشباه القلوب ؟من السبب ،أهو أنت؟ يا من كسرتنا ونحن أبناؤك !لماذا يا وطني اخفضت سقفك حتى لم يعد بإمكاننا أن نرفع رؤوسنا ؟!لماذا يا أم ؟ لماذا ساهمتِ في قتلي، ما هذا الذل! أهذه أنت فعلا ؟! على ظهرك كيس من الخيش وأنتِ تنبشين في الحاوية .

مقالات قد تعجبك

مقالات أخرى