قراءة: الهروب عبثا !!

الهروب عبثا !!

روماف – ثقافة

دلشا آدم

في محاولة الهروب من أكاذيب التاريخ وتجميل واقع مزيف مرير وهو يقوم بجلدنا عشرات المرات في اليوم بسوطه المدمى تاركاً

آثاره جلية على أجسادنا الهزيلة وكردستان( روجافا) تئن تحت وطأة المحتل والظلام والمرتزقة من اتباعهم .

حقيقة لا أعلم من أين يمكننا البدء ونحن نتابع مهزلة العقول والضمائر البشرية المجردة من انسانيتها وهي تكرج أمامنا كمسلسل رعب صيغته الدماء ،الإرهاب ،الجهل وأبطاله من مدعيي الوطنية والثقافة والثراء فيراودنا ذلك الشك المرتعد لحقيقة وماهية الحياة والعدالة والمساواة !

وكلنا على علم ويقين أنه لا وجود للمساواة والعدالة في هذا الوجود المبني على التسلسل الطبقي والأجتماعي والكائن البشري منذ نشأته وهو يعاقب على عصيان الأدمي لإرادة الرب وخالق الكون ليكون بذلك في دوامة البحث عن الأبدية والخلود .

فهل كل مايحدث هو مجرد رؤى سرعان ما تتلاشى أم أنها حقيقة وجوه موشومة بأوجاع وطغيان القدر مرسومة بريشة فنان أغتيل قبل أنهاء لوحته فأنسكب اللون الأسود بسخاء في محاولة منه للنجاة وباتت اللوحة مزيج من الرمادي ممزوج بدمه المراق وكأن مساحات الأرض تقلصت فلم يبقى للكرد مكان بين البشر والحضارات أو أن السماء باتت محدودة الأفق لتحتوي أحلامنا البسيطة وأمانينا المتوخاة .

حقيقة إنها ليست بسوداوية الفكر والمنطق ولكنها محاولة لفهم الحياة وسيكولوجية الإنسان ربما نصل بذلك الى حل لهذه المعضلة التي أنهكت أجسادنا تحت وطأتها لعقود وفهم لمسبباتها .

نعم ربما نحن كذلك ..

هل لأننا نتاج ثقافة المديح لا الاستحقاق أم لكوننا أسرى ( عبيد)الثراء والنفوذ والتبعية العمياء فنتقمص الحالة ومتجاهلين حقيقة الأمر ، نأبى النظر الى النور والحقيقة بواقعية ونكابر بالخروج من قوقعة الدين والعادات والتقاليد المريضة والكثير غيرها من الاسباب .

ربما بات من المتعب تكرار ذكر مثل هكذا أمور لأنني تطرقت إليها في العديد من المرات ولكن ما أثار حزني وأسفي البارحة وانا أتابع لقاء لشخصين من أبناء جلدتي من المثقفين اي من النخبة وهم يستعرضون ثراءهم وحياتهم المترفة بكل اشكالها متناسين آلام الفقير الذي يرتعش من شدة البرد والجوع والشتاء مقبل على الأبواب وهو يفترش الأرض ويلتحف السماء دون معين فيما المحتل ينتهك ويدمر ويقتل دونما رحمة .

تابعت اللقاء بأكمله علني أجد بين خفاياه ولو للحظة كلمة تضامن لمأساتنا كأمة ولكن عبثاً .

ربما كان لقاء عائلياً بحتاً وأستعراضاً لما حققوه من ثروة ونجاحات وهذا أمر لايستهان به في دول الاغتراب وحقيقة هم فخر لنا ولكن هل نحن في مرحلة تسمح لنا ولو للحظة ان نغفل او نتغاضى عن قضيتنا واهلنا ومن ثم ماذا قدم أثرياء ومثقفي روج أفا للقضية منذ بداية الازمة والى يومنا هذا مقارنة بأثرياء العالم ومثقفيه ودعمهم لقضية شعبهم ونحن شعب في صراع حقيقي وأزلي مع الزمن والاقدار شئنا أم أبينا ؟

فإلى الأن لا وجود لأي جهة حقيقية داعمة لهذا الشعب المنكوب وقضيته أين هي جمعياتنا ومؤسساتنا المدنية والحقوقية الداعمة ونحن بهذا التعداد في المهجر ؟

وناهيك عن كل ماسبق فالحالة هي بالدرجة الأولى إنسانية بحتة فهل أصبحنا مجردين من الانسانية أيضا ؟

هذه ليست برومانسية كاتب- ة لكن المرحلة تحتم علينا ذلك وخاصة أننا نلاحظ التأثير الذي يمارسه أمثال هؤلاء الأشخاص على العامة ونحن نتاج ثقافة المديح والمظاهر كما ذكرت سابقا .

وبمقارنة بسيطة للوجه الذي اطلت به الفنانة فيروز والبساطة المرتسمة على ملامحها في زيارة الرئيس ماكرون وبين هذا التبذير المفرط في التباهي والتضخيم الذي لا يتناسب والأوضاع ينتابني الأسى لحالنا وحيال تعاطينا مع الأزمات والمحن بكل تأكيد أغلبنا خطاء ولكن علينا تدارك أخطاءنا قبل فوات الأوان .

وهنا اود التنويه أن حديثي ليس موجها لشخص على وجه الخصوص لكنها الحالة السائدة والظاهرة المتفشية مؤخرا في ظل هجرة الجهلاء وبكل أسف وفي وقت نحن فيه بأمس الحاجة لدعم المثقفين وأصحاب رؤوس الأموال الذين نلاحظ غيابهم التام وانشغالهم بيومياتهم عن التعاطي مع آلام الشعب ومأساة معاناته .

وبما اننا أكثر الشعوب اتقانا والسباقة للنقد ( الجارح) الهدام لا للفعل البناء فهل يلوح لنا في الأفق مستقبل يغير خارطة أقدارنا لأن فكرة الندم وجلد الذات والغفران باتت خرافة فسرعان ما سنسقط في قعر الوادي ونحن نتكئ على ذلك الجذع المنخور ومازلنا نتابع السير كالقطيع في مسيرة هلامية الملامح .

هل سيكون سقف أحلامنا أكبر من الجري خلف الثروات والفاشلين والمتصنعين من الجهلاء أم سيكون هدفنا وطن ننتمي اليه وراية ترفرف بشموخ فوق قمم جبالنا بحيث تكون مصدر افتخار لنا وطبعاً هو ليس بالأمر المستحيل إذا تداركنا أخطاءنا وتخلينا عن رحلة أوهامنا رحلة الأحلام لنسكن أرض الواقع قبل فوات ماقد يفوت .

صفحتنا على فيس بوك

أقرأ أيضاً

مقالات أخرى