لماذا أنا ؟!!

دلشا آدم

منذ نعومة أظفارنا وتلك العبارات تتردد على مسامعنا .
تلك التي تخدش حياء مخيلتنا بظلال الجهل والموروثات المجتمعية البالية “الشرف ،الكرامة ،العذرية ،غسل العار،الرجولة وطاعة الزوج العمياء”!!
لتكون المرأة محاصرة في دهاليز الشرف المعتمة ،في شرق لعين لا يفقه غير الدماء وكبت الحريات .
في شرق لا يلام فيه القاتل بل القتيل تحت مسمى “غسل العار”  والكرامة .
في شرق يحلل للذكر أن يتمرغ في الملذات والخطايا وهو يتباهى ويتفاخر كالطاووس بريشه ،ويكبل المرأة بقيود من نار حارقة.
فإلى يومنا هذا مازلنا نتابع قصص وروايات الانتقام والقتل والذبح بحجة غسل العار والشرف  .
ودون سابق إنذار ذلك التذمر المفاجئ للذكور لأبسط الحريات التي تتمتع بها المرأة المهجرة في أوربا في ظل تلك المساحة من الحريات والتحضر والإنسانية !!
فهل هو جهلنا للنفس البشرية ولإحتياجاتها ما يدفعنا للإيمان بمثل هكذا أجحاف، أم انه ذلك الفكر الذي يبني هياكل للمفسدين وللتطرف .
في حين تكون المراة هي الأم ،الأخت الصديقة ،الحبيبة ،الشاعرة ،الفنانة والمبدعة ،تكون أنت ذلك الذكر القابع خلف ظلالك تتباهى بذكوريتك الحمقاء وبمجتمع وهبك السلطة والحق بالاجحاف وسلب الحريات ،لتسلبها بذلك حقها في الميراث والحضانة والعشق والحياة .
الرب وهبها الحياة وأنت تسلبها الهواء والحياة لكونك ذكر شرقي الطباع !!
كثيرون ممن يعتقدون ان مثل هكذا أمور هي من نسج الخيال فقط ..
فنحن مجتمع مازلنا نعاني من تلك السلطة الذكورية الى الآن ولسنا إلا شعارات جوفاء خلف الشاشات الزرقاء والمنصات.
فالرجل هو دائما صاحب الكرامات وله الحق في الحسم و الجزم والمرأة وبمجرد إشاعة او خطأ أو طلاق تصبح كائناً منبوذاً ليس لها الحق في الحياة .
ولكل هذه الأسباب وغيرها الكثير من المسببات يتوجب علينا ألا نفرض على الجيل القادم أفكارنا البالية ومعتقداتنا تحت مسمى العادات والتقاليد والحفاظ على الهوية والتراث .
فأمة الشرق ليست إلا عبارة عن كتلة من العقد والفشل والاحباط .
ولتخرج المراة الى عالم الحريات لابد لها أن تهجر السحب والأحلام للحظات وتزيل الغبار عن مرأتها لتواجه وجهها لا وجه دمية الخزف الشقراء .
فلا ترحلي يا سيدتي قبل ان تتركي كلمات ينشرها القادمون من بعدك لأنك بأمس الحاجة لقوانين تصون مقدساتك وحقوقك وكيانك .
لأن القاتل بالبندقية أرحم من القاتل بالجهل آلاف المرات .
ولكي لا نتوه في جمهرة المصفقين والمشيعين باحثيين عن ظلال الأمل والياسمين عن وطن فيه الجمال مباح لتلبس المحبة ثوبها المقدس والشفاف بعيداً عن الدماء وجماجم لا تحلم إلا بالملذات .