روماف – تقارير 

قال أشخاص من الطائفة الإيزيدية إنهم باتوا يشعرون بالقلق والخوف عقب المعارك التي اندلعت مؤخرا بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المعارضة المدعومة من تركيا.

وأوضح اؤلئك الاشخاص لموقع “صوت أميركا” أن المعارك التي اندلعت شمالي غربي سوريا جعلت أبناء طائفتهم تراودهم مشاعر من الخوف والرعب بعد أن أقدمت الفصائل الموالية لتركيا  على حصار قراهم في منطقة عفرين واعتقاله بعض أفرادها.

وكان الفصائل المسلحة قد شنت حملة عسكرية قبل أسبوع ضد قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها تركيا امتداد لحزب العمال الكردستاني التركي المحظور، وشملت الحملة قريتي باصوفان وبائي ذات الأغلبية الإيزيدية جنوبي منطقة عفرين.

جماعات حقوقية تخشى من تغيير ديموغرافي يستهدف الأقلية الإيزيدية في سوريا
جماعات حقوقية تخشى من تغيير ديموغرافي يستهدف الأقلية الإيزيدية في سوريا

وكانت الفصائل قد شنت الحملة عقب انفجار وقع قرب القريتين واستهدف أحد قادتها، مما أسفر عن حملة اعتقالات شملت 30 أيزيديا من قرى المنطقة.

إساءات جسدية ولفظية

وقال المحامي الإيزيدي، هشام، النازح من باصوفان الذي فضل عدم الكشف عن اسمه الكامل إن المحتجزين تعرضوا للإساءة اللفظية الجسدية قبل أن يطلق سراح معظهم باستثناء امرأة كانت في حالة صحية سيئة بسبب سوء المعاملة الجسدية التي تعرضت لها.

وقال هشام “هذه الممارسات تجري بشكل يومي ضد جميع سكان عفرين وبشكل أساسي ضد الأقليات مثل الإيزيديين، مشيرا إلى أن امرأة من قريته كانت تعرضت لمضايقات متكررة منذ سنوات بسبب مقتل أحد أبنائها في المعارك ضد الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا مطلع عام 2018.

وتابع: “إنهم لا يتسامحون مع الأقليات التي تعيش في المنطقة”.

عراقية إيزيدية ترفع صورة لضحايا تنظيم داعش
عراقية إيزيدية ترفع صورة لضحايا تنظيم داعش

ويقول نشطاء حقوقيون إيزيديون إن طائفتهم في عفرين واجهت مصيرا مماثلا لأبناء الطائفة في شمال العراق، فكما أجبرت داعش الإيزيدين هناك على الإسلام أو الفرار ، جرى  نفس الشيء في عفرين حيث جرت أيضا مصادرة أراضيهم.

وتابع هشام “كنا خائفين من التهديدات والمخاطر التى تفرضها علينا تلك الفصائل المسلحة”، مما جعلني أهرب مع زوجتي  وطفلي إلى حلب”.

ولفت إلى أنهم كان يخشون أن يلقو نفس مصير الإيزيدين في سنجار العراق، والذين تعرضوا لمذابح على يد تنظيم داعش في العام 2014.

وكانت قرية باصوفان التي ينتمي إليها هشام تضم حوالي 3500 إيزيدي قبل هجوم الفصائل المسلحة على المنطقة، ولكنها الآن لا تضم سوى 200 معظهم من كبار السن، بحسب مصادر محلية.

مطالبات بالحماية

وكانت  25 جماعة حقوقية إيزيدية بيانًا عقب الهجوم على قرية باصوفان، طالبت فيه بالحماية الدولية لتلك الأقلية الدينية في عفرين.

وجاء في البيان أن “مسلحين فيلق الشام اقتحموا القرية بعد أن لم يستجب سكانها الأيزيديون لدعوات اعتناق الإسلام”. وأضاف أن “الفصيل المسلح يشن حملات اعتقالات متكررة تستهدف الإيزيديين بين الحين والآخر لترهيبهم ودفعهم إلى مغادرة قريتهم”.

وفي العامين الماضيين ذكرت مصادر محلية أن عفرين شهدت انخفاضًا كبيرًا في الأقليات بما في ذلك الإيزيديين والمسيحيين، فمن أصل 25 ألف إيزيدي كانوا يعيشون في 22 قرية في عفرين قبل العام 2018 ، لم يبق اليوم سوى 5 آلاف فقط.

من جانبها رفضت الحكومة التركية حدوثت الانتهاكات ضد المدنيين في عفرين، قائلة إن أهدافها العسكرية تقتصر على وحدات حماية الشعب، والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني.
وقالت سفارة تركيا في واشنطن لإذاعة صوت أمريكا في بيان: “التهديد الحقيقي والوشيك ضد أهالي عفرين ينبع دائمًا من حزب العمال الكردستاني (وحدات حماية الشعب)”.

لاجئات من الأقلية الأيزيدية
لاجئات من الأقلية الأيزيدية

واتهمت المسلحين الأكراد بـ “الدعاية السوداء”، وقالت إن عفرين “تتمتع بحياة أكثر استقرارًا وأمانًا وتعددية” في ظل حكم المتمردين المدعومين من تركيا.
وذكر البيان أن الهجمات التي تضمنت قصفًا وإطلاق صواريخ وعبوات ناسفة محمولة على سيارات “ضد المدنيين الأبرياء في عفرين تهدف إلى تأجيج [مثل] الدعاية” بأن الأراضي الواقعة تحت سيطرة الفصائل السورية المؤيدة لأنقرة غير مستقرة.

تغيير ديموغرافي

وقالت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا في تقرير في سبتمبرإنها وثقت “أنماط منهجية مؤكدة” للنهب والاستيلاء على الممتلكات من قبل ألوية مختلفة من الجيش الوطني السوري (الفصائل المسلحة) في عفرين ورأس العين.

ولفتت إلى أنه في أبريل 2020، قد  جرى نهب العديد من الأضرحة والمقابر الإيزيدية عمداً وتدميرها جزئياً، كما حدث في مناطق مثل قلعة جندو وقيبار وجندريس وشران.

وأشار التقرير إلى وجود غير مستقر للمجتمع الإيزيدي كأقلية دينية في المناطق التي يسيطر عليها الفصائل (الجيش الوطني السوري )، والتأثير على كل  الجوانب الملموسة وغير الملموسة لتراثهم الثقافي ، بما في ذلك الممارسات والطقوس الدينية

ويزعم بعض مراقبي حقوق الإنسان السوريين أن الانتهاكات على مر السنين هي محاولة مقصودة من قبل الجماعات المدعومة من تركيا لإجبار الأقليات على مغادرة المنطقة واستبدالهم بعائلات معارضة فرت من أجزاء أخرى من سوريا.

وقال قال إبراهيم شيكو ، المتحدث باسم منظمة حقوق الإنسان، وهي جماعة توثق الانتهاكات في عفرين ، “هذه الإجراءات هي سياسة ممنهجة ضد الأقليات في المنطقة”.

أيزيديون في معبد لالش المقدس قرب مدينة دهوك
أيزيديون في معبد لالش المقدس قرب مدينة دهوك

وأردف: “ما فعلوه ضد الإيزيديين هو ملاحقة دينية لدفع السكان للخروج وتوطين النازحين من مناطق أخرى”، مشيرا إلى أن أحد السجون في عفرين كان يضم  من 300 إلى 400 معتقل بينهم أيزيديون.

وختم شيخو: “هذه الهجمات لن تتوقف حتى يفرغوا المنطقة من جميع الإيزيديين”.

الإيزيديون.. من هم؟

نشأت العقيدة الأيزيدية في إيران منذ أكثر من أربعة آلاف عام، وتعتبر دينا غير تبشيري ومغلقا، إذ لا يمكن لأحد من خارجها أن يعتنقها.

يؤمن الإيزيديون بإله واحد يصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بسبعة ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس.

تعتمد هذه الجماعة الناطقة باللغة الكردية في الغالب، على الزراعة، وتقيم غالبيتها في سنجار.

ويعد أقدس الأماكن الدينية للإيزيديين معبد لالش الذي تعلوه قبة مخروطية حجرية إلى جانب مزارات عدة في وسط منطقة جبلية تضم ينابيع طبيعية في شمال غربي العراق، ويقصده المؤمنون الزوار حفاة.

ويتبع هؤلاء المجلس الروحاني الأعلى المؤلف من خمسة أعضاء ومقره قرب منطقة شيخان، وبينهم “أمير” الأيزيديين في العالم، إضافة إلى مرجعهم الديني بابا شيخ.

ويقسم الأيزيديون إلى ثلاث طبقات: الشيوخ و”البير” أي الدعاة و”المريدون”، ولا يمكن التزاوج بين طبقة وأخرى أو من خارج الطائفة.

ويعتبر أيزيديا فقط من ولد لأبوين أيزيديين.

أيزيدية تحمل شمعة قرب معبد لالش
أيزيدية تحمل شمعة قرب معبد لالش

وبمرور الوقت، دمج الأيزيديون في معتقدهم عناصر من ديانات أخرى.

على سبيل المثال، يتم تعميد الأطفال في الماء المقدس للاحتفال بدخولهم إلى العقيدة على غرار المسيحيين، كما يمكن للرجال اتخاذ أربع زوجات كالمسلمين.

ترجمات الحرة